لم يعرف أحد في العالم العربي "مايكل مور" قبل "فهرنهايت 911" إلا قليل.. بل وكان البعض يعتقد ، وأنا منهم ، أنه مجرد مخرج أفلام وثائقية .. إلى أن شاهدت فيلمه "The Canadian Bacon"..
الفيلم "مسخرة" ، ساعتان من الضحك المتواصل والتهريج المتقن الصناعة ، المختبئ وراء وجهة نظر ، ودعوة للتفكير العميق ، يبين عن وجه غير معروف لنا لهذا المخرج الكبير كمخرج أفلام روائية ، بل مخرج مؤلف متميز في مجال بصعوبة الكوميديا ،وبصعوبة الكوميديا التي يقدمها .. كوميديا ساخرة لاذعة تعتمد الخيال وسيلة لبناء خطوطها وإحكام خيوطها ، لا تطلب من المشاهد فقط أن يتابعها من الوضع جالساً ويضحك ما استطاع ، بل وأن يسرح بخياله معها.. ميزة تراها أحياناً في كوميديا هوليوود التي تعد من أقوى أدوات صناع الأفلام لتوصيل وجهات نظر .. أو رسائل من نوع ما..
وتقوم فكرة الفيلم ببساطة على أن الرئيس الأمريكي (لعب دوره "آلان أولدا") رأى أن شيئاً ما ليس على ما يرام ، سواء فيما يتعلق بالاقتصاد أو بشعبيته التي هي في تدهور مستمر ، فنصحه مستشاروه بالدخول في حرب ، أي حرب ، مع أي دولة ، فكر في الاتحاد السوفييتي فوجد الحرب الباردة فقد انتهت ، ولم يجد قيمة تذكر لمواجهة الشيوعيين ، فتفتق ذهنه عن فكرة "جهنمية" من وجهة نظره : إعلان الحرب على كندا!
قوة الكوميديا في هذا الفيلم تكمن في الطريقة التي تتصاعد بها الأحداث ، قوة يعرفها متابع "The Simpsons" جيداً ، بدءاً من "الخناقة" التي بدأت في ملاعب الهوكي ، التي بدأت من سباب "عابر" في ظاهره للبيرة الكندية ، إلى الحملة الإعلامية التي يشنها الأمريكان ضد "العدو" الكندي ، إلى "العمليات الفدائية" ..
لكنك ، مثلي ، قد تجد صعوبة كبيرة في طرد هواجس شريرة تنتاب متابعي الفيلم الذي عرض قبل أيام على MBC 2 ..هواجس لها علاقة بقصة الجزائر ، والأتوبيس الذي "اتضح" أنه قد تم ضربه بالحجارة ، أشبه بلعبة "اكتشف الاختلافات" بين الفيلم والواقع .. فيلم قد تكون دارت أحداثه - أو بعضها- في الجزائر لكن أغلب مشاهده دارت في مصر ، على نحو يشبه ما كتبه "مايكل مور" وأخرجه قبل خمسة عشر عاماً..
نعم .. كثير من الأشياء التي رأيناها في الفيلم هي التي عشناها "بالكربون" إبان مباراة مصر والجزائر وما بعدها حتى الآن .. الفرق أنك تضحك على فيلم "The Canadian Bacon" الكوميدي أثناء مشاهدتك إياه.. بينما تضحك - من الألم والغيظ والسخرية المريرة- على واقع اتضح أنه صورة طبق الأصل من فيلم كوميدي ، واتضح أنه قد تم استغفالك واستغفالي واستغفاله واستغفالها واستغفالنا جميعاً ، وليد شعور ضحية الكاميرا الخفية بعد اكتشافه تعرضه لمقلب سخيف..
من المؤكد أن منكم من شاهد "The Canadian Bacon".. ويستطيع تحليله أفضل مني ألف مرة .. وقد تكون له وجهة نظر مغايرة.. لكن أيهما ترون أفضل: "The Canadian Movie" -الفيلم- أم "The Algerian Bacon" الحقيقة؟
*الصورة من av club..
*الصورة من av club..
1 comment:
سبقتنى للعادة ... ولخصت اللى كنت عايزة اقوله بالضبط ...
تحياتى
Post a Comment