Tuesday, June 01, 2010

وسمعني السلام الجمهوري - جزء أول


بدايةً.. لدي إحساس - وليس معلومات مؤكدة- أن حملة الدعاية للتصويت في انتخابات مجلس الشورى - التي أجريت يوم كتابة التدوينة- لها علاقة بالدكتور "سامي عبد العزيز".. ولكنه - من تجارب مشاهدة سابقة- يشترك مع "هشام أبو النصر" في أن كل منهما أكاديمي مفوه يستطيع شرح الكثير من تفاصيل دراسته -الدعاية لـ"سامي" والسينما لـ"أبو النصر"- أما عندما يقف أي منهما خلف الكاميرا مخططأ أو متفرجاً ، فإنهما يقدمان أحلى كيتش يمكن تذوقه.. حملة "الشورى" التي أشم فيه رائحة "سامي" تعكس نقلة نوعية بالنسبة للرجل من تقديم "الكيتش" إلى تقديم "الكليتش"..

حقيقة .. نار "أفندينا" ولا جنة "سامي".. نار إعلانات "الضرائب مصلحتك أولاً" ولا جنة حملة دعائية بلهاء وعقيمة بأفكار مضحكة عن "أهمية المشاركة السياسية" .. "طارق نور" يهدف لتقديم رسالة دعائية فقط بتوابل طبقية .. يغازل مشاهده ويطبطب عليه وينافقه.. والمشاهد يحب ويتعاطف مع من "يديله برستيجه" حتى ولو كان يشتغله .. أما الآخر فيمضي في استغباء ضحيته - عفواً : المشاهد - والاستخفاف بذكائه وبه نفسه.. أول القصيدة إعلان تظهر فيه مجموعة من الشخصيات العامة وغير العامة لتحدث الناس عن أهمية "الاختيار".. مستعملاً أسلوباً يراه أصحاب الحملة - بالعين المجردة وليس بالميكروسكوب- محاولة لتبسيط معنى الاختيار - اللي احنا مش عارفينه- من اختيار الملابس ، لاختيار الكلية - ههههههه- لاختيار الزوج -ههههههه برضه- وصولاً إلى اختيار المرشح.. كأن اختيار الكلية - في ثقافة تزدري أن يكون للمرء طريق وظيفي career - أو اختيار الشريك - في ظروف اجتماعية نعرفها - أو حتى اختيار الملابس مثله مثل اختيار مرشح في أي انتخابات ، ونسي العبقري ، ومن معه ، أن عملية الاختيار في مجملها هي عملية اختيار بين بدائل ، كيف يختار الشخص من بديل واحد- هذا إن اعتبرناه بديلاً؟ وهل يتساوى الاختيار بين مفروضات -العريس اللي قدامك ، الكلية اللي جابها مكتب التسييق...الخ- في أمور شخصية وبين الاختيار بين مرشح حزب أو مرشح مستقل يتولى تمثيل مجموعة كاملة من البشر في مجلس نيابي؟

أما الإعلان الثاني فيصعب التعبير عنه بعبارات لا يعاقب عليها القانون ، ويظهر فيه الممثل "صبري فواز" -يعرفه مشاهدو الجزء الرابع من "ليالي الحلمية" - في دور ضابط شرطة ، بحلة أمريكية ، في ديكور أمريكي للغرفة الزجاجية إياها ، ومعه "متهم" .. ويفترض به أنه يقوم بالضغط عليه - بنفس الطريقة التي كاد "شريف عبد المنعم" يضغط بها على "ليلى علوي" في "فيلم" "قبضة الهلالي"- وهنا يستخدم الـ..-ولا بلاش- الرمز ، فيعتبر أن المواطن السلبي - اللي مبيصوتش للحزب إياه طبعاً- متهم ، مثله مثل المتهم المجرم - وش واحد في مسلسل تاريخي بينطق الكلمة دي بالفصحى- لكنه متهم بالسلبية .. ليس بجلب مخدرات .. ولا بتعاطيها أثناء قيادة لوري .. ولا بتقاضي رشوة .. أو استيراد مبيدات فاسدة .. أو ببيع ما لا يملك لمن لا يستحق .. أو بالمشاركة في تزوير انتخابات ..أو المشاركة في تهليب شركة قطاع عام ..

وتتجلى عظمة الكليتش في آخر إعلانات الحملة - والتي أتمنى أن تكون آخر إعلان لأصحابها- في هذه اللقطات الفجة التي تتحرك فيها الكاميرا على ألحان السلام الجمهوري- الذي تم ابتذاله في مناسبات منها موقعة الجزائر- على وجوه مصرية عدة .. الطلاب .. المارة .. أصحاب المحلات .. حتى الحلاق وزبونه الذي لم يستكمل حلاقته-دعابة مصطنعة ثقيلة الظل- .. والكل يتجه باتجاه واحد على قلب رجل واحد .. مشهد مسرحي مقزز في إخراجه ومفتعل إلى أقصى مدى ممكن..شيء يشبه برومو جريدة "اليوم السابع" -"كلام يطلع البلد قدام"!

حملة لا تفهم إن كان أصحابها يستجدون المشاهدين الذهاب إلى صناديق الاقتراع أم يهينون عقولهم ويستخفون بهم ويعفرون على ذقونهم.. تنتهي -مع الاعتذار لـ"حاحا وتفاحة"- بـ"سمعني".. وهذه المرة "السلام الجمهوري"..وخلي السلاح صاحي ..صاحي .. صااااااحي!:(
*الفيديو من اليو تيوب نقلاً عن "النيل للأخبار"..

4 comments:

آخر أيام الخريف said...

الحمد لله انى مشفتش الاعلانات دى

البراء أشرف said...

صباح الفل.
سؤال سريع، هل تقيم فكرة الإعلان، أم تقيم هدف الإعلان. وطبعا هناك فرق كبير.
بالنسبة لمشاهد ساذج مثلي، بصراحة شاهدت الاعلانين للمرة الاولى الان عندك، والغريب انهما اعجباني جدا عدا بعض الملاحظات الفنية البسيطة.
يعني مثلاً في اعلان المحقق. الفكرة لطيفة، والتنفيذ فيه تكنيك ذكي، لكن المشكلة في الكلمة الاخيرة. "هنتخب". كان من الافضل ان ينتهي الاعلان وشخصية المحقق تسأل : هتعمل إيه؟، فقط لا غير.
اما بالنسبة لاعلان السلام الجمهوري، فبصراحة لو كنت شوفته قبل الانتخابات كان يمكن اروح انتخب.
اعلان فيه لقطة ذكية وهي فكرة الوقوف لاحترام السلام الجمهوري، وفيه لعب على فكرة القيمة المشتركة. ودي حاجة مهمة في صناعة الاعلانات التعبوية زي ما بعضهم بيطلق عليها. لانك في النهاية بتكون محتاج عنصر يخاطب الضمير الجمعي، واختبار السلام الجمهوري هنا ذكي جداً بصراحة. من وجهة نظري المتواضعة.
وكمان التنفيذ من وجهة نظري غير المتواضعة فيه جهد واضح. وأكتر شيء عجبني في هذا الاعلان انه ممن حذف الرسالة الاخيرة فيه وتحويله لاعلان عن البرادعي. لاني بصراحة شايفه اعلان ناجح. وفكرته عميقة.
على كل حال زي ما قلت لك، هدف الاعلان قد يكون ساذج، لكن هذا لا يمنعنا من احترام فكرته والجهد في تنفيذه.
ودي مشكلة كبيرة.
يعني مثلا اعلانات الضرايب. من وجهة نظري انها اعلانات قوية جدا، ويمكن لو اتذاعت في اي دولة أخرى تحقق نجاح مبهر. المشكلة هنا تضارب بين هدف الاعلان الغبي، مع فكرته الذكية.
يعني لا أمنع نفسي من الاعجاب بشعار مصلحتك اولا. الذي حور فيه كلمة مصلحة الضرايب، وجعلها مصلحة المواطن. الفكرة جيدة. لكني ايضا لا امنع نفسي من شتيمة مصلحتي ومصلحته ومصحلتهم كلهم، لان هدف الاعلان قذر في النهاية.
وهذا هو الفرق. خاصة مع ذكرياتنا المريرة مع حملات اعلانية حكومية سابقة.
الخلاصة. في رأيي ان الناس بتحاول تتطور وتعمل شيء مختلف.
لكن في النهاية، المشكلة في الهدف مش في الطريقة.
وصباح الفل كمان مرة.

قلم جاف said...

العزيزة آخر أيام الخريف:

يعجبني مصطلح لـ"شريف عبد العزيز" صديقي العزيز صاحب مدونة "العدالة للجميع".. مصطلح "ربح الزبون".. يعني الكل في كل الحالات كسبان.. اللي ما شافش الإعلان استريح من وصلة فقع ركيك ح أبين تفاصيلها في الرد اللي جاي إن شاء الله.. واللي شافه أديه عرف الناس دي بتفكر إزاي..

قلم جاف said...

صديقي العزيز البراء أشرف: ح أحاول أكتر من الإعلانات لضمان مشاركتك الدائمة هنا..:)

شوف يا عزيزي.. بالنسبة لمشاهد ساذج ورخم زي العبد لله ، بأبص ع الرسالة الأول ، وبعدين ع الطريقة اللي بيحب يوصلها لي..

نطبق على التلات إعلانات..

1-إعلان المحقق ..

كان ممكن ينتقد فكرة السلبية لو ما كانش لجأ لحيلة المحقق اللي بتثير بتنفيذها الساذج ، الشديد الشبه بمشهد "شريف عبد المنعم" وهو بيعرض طابور المشتبه فيهم على "ليلى علوي" في فيلم "قبضة الهلالي" (واللي قال عليه صديقنا المشترك "شريف نجيب" إنه لو كان ضغط عليها حتعترف هي!).. غير إن الطريقة نفسها حتثير حفيظة شريحة كبيرة من المتعاطفين مع الناس اللي اعتصموا وراحوا مظاهرات (مهما كانت خلافاتي معاهم).. بل إن أسلوب الراجل جه "هايبر" -تعدى مرحلة الـ"أوفر"- في تحقيقه مع راجل كل مشكلته إنه ما عملش حاجة.. "لم يفعل شيئاً" مش "لم يفعل شيئاً خطأً"!

2-فكرة اختيار السلام الجمهوري..

أنوه إنه سقط سهواً من العبد لله إن الفكرة مقتبسة من إعلان لبناني ، الإعلان اللبناني الأذكى بمراحل والخالي من الكيتش كان بيتناول فكرة التعامل بـ"الليرة اللبنانية" -رغم كونها واحدة من أضعف عملات العالم من حيث القوة الشرائية- واحد حط ليرة على الطبق الفاضي وهو بيدفع الحساب ، والناس هات يا تحية وتصقيف للعملة اللي تعتبر رمز وطني..

تعالى بقى بص اتطبقت ازاي هنا..

برغم اتفاقي معك في فكرة "السلام الجمهوري" .. إلا أني أعترف بإن الظروف أولاً ما خدمتش المخرج لإن الإعلان جه بعد حرب الجزائر اللي كتبت عنها في التدوينة قبل اللي فاتت ، الظروف اللي خلت السلام الجمهوري متداول أكثر من اللازم ، زيه زي العلم..

ثانياً: لما حتيجي تعمل عملية المقاربة جوة دماغك من غرض الانتخابات ، وطريقة التنفيذ من ناحية ، وبين الواقع من ناحية تانية ، برضه حتحس بشوية هيبرة.. "هوة إيه الغرض من الفرح البلدي المعمول دة؟ أروح أنتخب؟.. أنتخب مين؟"..

الإحباط اللي عند الناس من الانتخابات أكبر منه في قصة الضرائب ، وغني عن الذكر قصة عدم وجود بدائل واضحة ، وعدم وجود معلومات بشكل شفاف عن المرشحين اللي هية من أهم المتطلبات البدائية لعملية تنافسية نظيفة ، وفضائح نواب العلاج وفضائح نواب الأراضي اللي نشرتها "الشروق" من تلات أسابيع ولا من شاف ولا من دري..

حط الإحباط دة في مواجهة الهدف.. وشوف إن كانت الإعلانات نجحت ولا لأ.. وبالتالي حتحس إن الإجماع اللي بيحاول يصدره الإعلان للناس موجود في الحقيقة ، ع السلام الجمهوري بس .. لكن بقى على استخدامه كنداء للتوجه للانتخاب في ظل هذه الظروف الحالية..أشك..الصراحة مع احترامي لفكرة استخدام السلام الجمهوري كجامع مشترك لمشاعر المصريين ، بس طلعت الحركة في مجملها مسرحية وعتيقة..زي كاريكاتيرات "ممتاز القط" و "شيماء" على رئيسية "أخبار اليوم"!

ليه استشهدت بإعلان الضرائب؟

استشهدت بالشعار بس اللي بيلخص فلسفة "طارق نور" - رغم كل تحفظاتي المستمرة حتى لحظة كتابة السطور عليها وعليه- الشعار الحميمي اللي بياخد صف المتلقي وبياخده على قد عقله .. مش زي "سامي بيه".. اللي مبيحترمش عقل المتلقي وبيتعامل معاه على إنه لا شيء..وبيقدمله إعلانات ممكن تبقى مادة خصبة للتريقة ، أو للتقليد على طريقة "لمبة شو"!