Wednesday, October 05, 2011

في قلة الأدب : الترامادوكس



إذا كان في الفيلم "تهامي" واحد ، فخارجه يوجد "تهاميون" كثيرون ، لا يشترط أن يكون منهم بالمعنى الحرفي ذلك "الشخص" الذي تم ضبطه وبحوزته تسجيلات "من إياها" لعدد من الممثلات ، كثيرون يلعبون نفس اللعبة حتى ولو لم يكن الغرض منها إنتاج فيلم "قذر" غرضه "الفشل" لتضاربه أولاً مع مزاج الجمهور المحافظ ، ثم لتضاربه مع آراء النقاد وكتبة الأعمدة الذين يسهمون بنسبة ما في تشكيل أدمغة الناس ، الذين إن تمردوا عليهم في مرات ، كما حدث قبل تسع سنوات إبان "اللمبي" ، فهم "يتشربون" تصوراتهم فيما يكتبون من مقالات وفيما يخطبون في ظهورهم التليفزيوني من خطب حول "السينما الجادة" وحول "الرقي" ورفض "الإسفاف"..وبالتالي يضطر بعض صناع الأفلام إلى مجاراة هؤلاء الكتبة (والجمهور بالتأكيد) بمحاولة اصطناع خطبة أو وعظ أو تبني أي قضية بشكل مفتعل لإرضاء الزبون ولعدم الظهور بمظهر "التافه" بما أنه من لا يتبنى قضية أو من لا يعظ فهو متهم بالتفاهة من قبل الكتبة والجمهور حتى إشعار آخر..

لا أعرف إن كان "تهامي" يضع في الاعتبار كثيراً حسابات هؤلاء ، الذين فوجئنا بهم يشنون هجوماً على ما يسمى بـ"السينما النظيفة" في أحيان ، وفي أحيان أخرى يتحمسون لأفلام ومشاهد لا تختلف كثيراً عن ما يراه المرء في أفلام "تهامي -وديع" ، .. يضغطون على زر مكتوب عليه "تحرر" يهتفون فيه بأعلى الصوت رافضين فيه أي نقد يوجه لأي فيلم أو مصنف فني أو أدبي على أساس ديني أو مذهبي أو سياسي أو أخلاقي ، خصوصاً الأخلاقي ، وهات يا هجوم على المجتمع المحافظ "الذي يقول في السر ما لا يقوله في العلن" و "الذي لا تفوته صلاة التراويح في رمضان ثم يدفع العيدية للفرجة على "دينا" و "أنا بأضيع يا وديع"".. أو يضغطون على الزر الآخر ، والذي يحمل أكثر من عنوان .. "أخلاق" ، "قيم" ، "ثورة" ، ...الخ.. ويبدأ الوعظ والكلام عن المشاهد المبتذلة الساخنة المغلية ، التي لا تتناسب ولا تتواكب مع المجتمع المحافظ - اللي كانوا من شوية بيشتموه- ولا مع الثورة -التي يحاولون إيهامنا بأنها أقوى في تغيير المجتمعات في زمن قصير قوة "بريل" مع الدهون - ولم يبق إلا أن يسمعوك قصيدة "محيي إسماعيل" الشهيرة في فيلم "خلي بالك من زوزو" .. "جمعاااااااااء"! ويختلف الزر المضغوط من فيلم لآخر ، من "حمام الملاطيلي" إلى "المذنبون" ، من "سهر الليالي" إلى "أحاسيس" ، ومن "حين ميسرة" إلى "أنا بأضيع يا وديع"!

المؤكد أن "تهامي" قدم "ترامادوكساًَ" اكتشف أنه ينجح ، ينجح رغم أنف كتبة الأعمدة الذي لا تعرف معهم صحاً من خطأ ، ينجح رغم أنف المجتمع "المحافظ" .. اتضح أن الترامادوكس قابل للنجاح ليس مع الجمهور المحافظ أو غير المحافظ بل حتى مع النقاد الذين لديهم "ترامادوكس" و "ترامادوكس" ، وليس كل "الترامادوكس" لديهم واحد.. هذا إن عرف متلقٍ واحد ما هو "الترامادوكس" لديهم أصلاً..

من المذهل أن ينجح "ترامادوكس" "شارع الهرم" ويفشل "ترامادوكس" "أنا بأضيع يا وديع" الذي يفسر ، بقصد أو بدون ، كيف صنع "الترامادوكس" الآخر.. وكيف تصنع الأفلام الأخرى التي يتم إعدادها على نفس الشاكلة..لم ينجح "أنا بأضيع يا وديع" لعيوب كثيرة فيه ، ولافتقاده لمخرج الإعلانات الأصلية "محمد حمد الله" والذي أعتقد أنه سيصنع الفارق لو كان هو من كتب الفيلم ، وأراه أكثر قدرة على استغلال إمكانيات "أيمن قنديل" و"أمجد عابد" -اللذين قد ينتظرهما مستقبل أفضل إذا ما وجدوا سيناريوهات والعياذ بالله تحتاج إلى ممثلين- بشكل أفضل.. وإن كان إحساسي الشخصي -وقد يحتمل كثيراً من الخطأ - يقول بأن الفيلم سيهاجم حتى ولو كان أفضل فنياً.. فمنطق الكتابة في الصحف مسيس ومؤدلج لدرجة أنه لا يهاجم "الترامادوكس" لأنه كذلك ، بل قد يفضل صنفاً على صنف ، وقد عرفنا أفلاماً ومسلسلات هي "الترامادوكس" شخصياً ، دون أن نرى فيها "دينا" "تهز" ، أو مشهداً واحداً لـ"مونيا" "اللي مكسرة الدنيا".. "ترامادوكس" سياسي وفكري لا يدغدغ "أوبشن" الوعظ ودور حامي حمى القيم والأخلاق..

عذراً لكثرة استعمال مصطلح "ترامادوكس" :)
تحديث 7/10: رابط لمقال من موقع "بص و طل" .. وضعته داخل المقال..
* "مين دة اللي حيغرق يا وديع"- الصورة من "في الجول"..

No comments: