Wednesday, January 11, 2012

صاحب "السي بي سي" : البحث عن "بيرلسكوني"

لو كان الطيران بالأجنحة فقط لامتلأ الفضاء بالطيور عن آخره ، وما استطعنا رؤية الشمس ولو لدقيقة واحدة.. ولكان من الطبيعي أن تجد أوزاً ونعاماً ودجاجاً في كبد السماء يحلقن جميعاً كأجدع نسر ، لكن الواقع أن هناك طيوراً تطير لأن الله سبحانه وتعالى أودعها من الإمكانيات ما يؤهلها لتحلق ، بينما لم يودع طيوراً أخرى أقوى بنية وأضخم حجماً نفس تلك الإمكانيات ، ولذلك السبب نرى عصفوراً صغيراً يطير بينما لم نسمع أبداً عن دجاجة طارت..

تلك الحقيقة كان من المفترض أن تكون معلومة لدى البشر الذين يسيرون بجانب البط والأوز والنعام ، وينظرون إلى السماء فيجدون حماماً وعصافير وجوارح ، لكن الواقع يبقى شيئاً آخر ، فمن يرى محلاً ناجحاً يسعى لأن يكون لديه مثله ، سواء أكانت لديه إمكانيات إدارة تلك النوعية من المحلات أم لا ، ومن يسمع عن أغنية ناجحة نراه يحاول تقليدها أو تقديم نسخته منها (كما فكر "حلمي عبد الباقي" أن يفعل في أعقاب نجاح أغنية "محمد فؤاد" الشهيرة "كامننا" في منتصف تسعينات القرن الماضي..أسيبلك توقع النتيجة) ، وكذا عندما يرى البعض نموذج "سيلفيو بيرلسكوني" يفكر على الفور في تقليده.. خصوصاً عندما "لا" تسمح له إمكانياته بذلك..

بيرلوسكوني" رئيس وزراء إيطاليا حتى أسابيع خلت ، وهو من أطول ، إن لم يكن أطول رؤساء الوزراء الإيطاليين بقاءاً في السلطة ، صاحب أندية ، صاحب قنوات تليفزيونية ، صاحب حزب.. دعمه بالأندية وبالقنوات ، وحتى مع خروجه من الحكومة السابقة فإن فرص عودته تبقى واردة "باعتبار إن X has no end” ولا يزال رقماً صعباً في السياسة داخل إيطاليا..

لكن البعض قرأ "بيرلوسكوني" على الطريقة التي قرأ بها "سئيل الندمان" في رائعة "لينين الرملي" “تخاريف" كتاب الاشتراكية ، ليقرر تطبيقه إلى الصفحة التي قرأها فحسب ، على الطريقة المسطحة التي نذكر بها قصة فيلم "راجل عمل قنوات واشترى الميلان وبعد كدة بقى رئيس وزرا".. دي وصفة سهلة .. دي وصفة هايلة..ولندع الفهلوة تعمل.. حاول "صالح كامل" أن يلعبها بطريقة مختلفة بعض الشيء وفشل (ربما لم تسمح له ظروفه ولا طبيعة النظام السياسي في دولته ، لكنه حاول أن يكون "بيرلسكوني المتاح") ، والآن نرى "محمد الأمين" يحاول عمل نفس الشيء..

“محمد الأمين" كان حتى نصف عام خلا صاحب قنوات سي بي سي فقط.. أما الآن فلا نعرف كم قناة يملك ، استولى على نصيب كبير في "مودرن سبورت" (ما خدهاش ليه كلها طيب) ، ثم انطلق إلى قنوات النهار ، وأنشأ قناة رياضية جديدة ضمها لـ"شبكة تليفزيون النهار".. بل إنه منذ أيام قليلة رفضت مجموعة "البراهين" -المالكة لقناة "الناس" – أن يشتري فيها محمد الأمين حصصاً، بهذا المعدل لن يبقى في النايل سات بنهاية العام قناة لم يشتريها إلا "فتافيت".. إن لم يكن يخطط لشرائها من الآن.. لا ننسى أنه اشترى جريدة "الفجر" (يملك من الجبروت ما يجعله من القلائل الذين يعلمون من كان صاحب ومحرك "الفجر" بما أنه اشتراها منه)!

يقدم "محمد الأمين" نفسه للرأي العام كرجل أعمال لا علاقة له بالنظام السابق ، (وضعوا تحت الكلمات الخمس الأخيرة بما أن بعض "الوحشين" يتهمونه بأنه فلول) ، كون ثروته من خلال عمله في دولة الكويت ، وأنه يصنف نفسه كواحد من "ضحايا النظام السابق" كما قال في حوار لجريدة "الرحمة" قبل الأشهر (أعتذر عن عدم ذكر الرابط) ، ويقول والكلام له وصرح به لجريدة "الجريدة" في الكويت أن لـ "سي بي سي" قصة ، مفادها أن الرجل أراد أن ينشئ مشروعاً يوقف أرباحه للعمل الخيري ، فكانت قناة "سي بي سي" التي "ليس" لها "أي" هدف سياسي، وعندما سئل عن سر توجهه للاستثمار في مجال الإعلام رغم حالة السوق قال أن ما شجعه على ذلك هو كون المشروع عملاً خيرياً "لا" يستهدف الربح!

أكاد أتوقع وأنا أكتب هذه السطور الـ"هههه" عندما نقرأ مثل هذا الكلام، لكن تلك الـ"هههه" ستعلو أكثر وقد تتطور إلى اذبهلال عميق عندما يقول الرجل أن شراكته مع "منصور عامر" (=صاحب "بورتو مارينا" التي كانت إعلاناتها تستر النصف الثاني من رئيسية معظم صحف المال السياسي قبل الثورة بفترة) كانت "صدفة" ، وعن أنه مول قناته بعوائد الإعلانات ، التي يراها هو ، وفي اعتقادي يراها هو فقط ، كافيةً لأن تمتلك القناة وحدة s n g لا تملكها أي فضائية غير حكومية في مصر ، وتتحمل تكاليف البث المباشر لفترات طويلة إبان أحداث شارع "محمد محمود" شأنه في ذلك شأن "الجزيرة" غزيرة التمويل، ولكي يسكت – هكذا يعتقد – من لا تزال عقولهم قاصرة عن استيعاب مبرراته ومن لا يزالون يعتقدون أن قنواته "فلول" قال أنه استعان بكتاب صحفيين "معارضين" فضلاً عن نجوم التوك شو "الموجودين" (بينهم "لميس الحديدي" التي وصفها "أسامة سرايا" الفل الكبير بأنها "أم الفلول") ، فضلاً عن أن من يرأس القناة تنفيذيا هو "محمد هاني" المعد السابق لـ"البيت بيتك" الذي كان عش الفلول في ماسبيرو ما قبل الثورة ، كل هذا وهو يعتقد أننا لا نصدق ما يقول!

هو يريد أن يكون بيرلوسكوني ، النسخة المصرية ما بعد الثورة ، ولم يبق له من "مختصر كيف تكون أو تكوني نسخة من سيلفيو بيرلسكوني" إلا أن يمتلك نادياً رياضياً ، وفي ظل تطبيق دوري المحترفين الموسم القادم قد يكون ذلك متاحاً له ، ثم يدخل بعد ذلك عالم السياسة "وش" بحزب سياسي أو المشاركة في حزب سياسي ، تستطيع أن تخمن من سيكونون أعضاءه ومؤسسيه..وخطه القادم!

قد ينجح في عالم السياسة ، فالسياسي هو الوحيد وسط أبناء أي كار في العالم الذي يقول لنفسه شيئاً ما فيصدقه (خصوصاً لو ما كانش حقيقي) ، ويخطط لإقناع الآخرين بتصديقه ، وفي مستوى متقدم من تلك الحالة يعتقد أن الناس أجمعين سيتعاملون مع خطابه السياسي كأنه حقيقة كونية.. لكن مستوى وطريقة "قول أشياء على عكس الحقيقة جملةً وتفصيلاً" قد يقلب أحلامه السياسية كابوساً مزعجاً ، خاصةً أن ذلك المستوى لم يعد ينطلي على طفل.. مثله مثل باقي تيار المال السياسي الذي كان يستحق أن يكون ثاني أعداء الثورة ، بل وأخطرهم..

تقليد صاحب المحل الناجح يحتاج ما هو أكثر من نقل تصميم المحل ولافتته الخارجية بالكربون..وما طار "سيلفيو" وارتفع..
* والصورة بقى من موقع "بوابة الأهرام" وأهي فضيحة على الماشي ، قناة "سي بي سي أبو ظبي" لا علاقة لها بـ CBC التي يملكها "محمد الأمين" إلا تشابه الأسماء ، فضيحة يقع فيها موقع "بوابة الأهرام" لا تختلف عن فضيحة "اليوم الساقع" التي لا تعرف الفرق بين المستشار "أحمد مكي" والممثل والمخرج ومغني الراب "أحمد مكي"!

No comments: