Saturday, April 14, 2012

عود هذا الرجل

إذا كانت آلة العود هي هي لا تتغير ، كيف يمكن أن نقول أن عود فلان غير عود علان. الإجابة بسيطة..

كمستمع ومتلق نهائي غير متخصص ، أشعر أن آلة العود دوناً عن الآلات الموسيقية هي الأكثر تأثراً بشخصية عازفه ، يبقى العود كما هو ، لا أختلف ، لكن الأصابع التي تنقر عليه تترجم شخصية صاحبها ، بشكل تستطيع معها تمييز هويته عن غيره حتى ولو لم تكن أذنك موسيقية أصلاً ، في الوقت الذي يصعب فيه أن تفرق ، مثلاً ، بين عازف كمان وآخر..

مثلاً ، ومن وجهة نظري الشخصية المحدودة ، تستتنج أن "نصير شمة" رجل احترافي بكل ما تعني الكلمة من معان إيجابية وسلبية على السواء ، وينقل لك "عمار الشريعي" شجنه واحساسه بالموسيقى والمكان والحياة عندما تضرب أنامله على العود لدرجة تشعرك عندما يعزف أنه يتكلم، ويظهر لك ومن أول ضربة عود "سيد مكاوي" خفة ظل وحس ساخر ممزوج بالألم والاحساس بالظلم والتجاهل ، يختلف عن عزف "محمد علي سليمان" في الموسيقى التصويرية التي كان يكتبها للدراما في عصره الذهبي في فترة الثمانينيات ، .....الخ..

لكن هؤلاء كلهم سيجمعون ، حين تسألهم عن أعظم عازف عود عرفوه ، على اسم واحد ، نذكره هذه الأيام التي تذكرنا به .. "فريد الأطرش"..

"فريد الأطرش" الذي يعيده "شم النسيم" إلى الذاكرة بأغنية "آدي الربيع" ، التي التصقت بتلك المناسبة التصاق "رمضان جانا" لـ"محمد عبد المطلب" بالشهر الفضيل ، ربطته علاقة هي الأقوى بالعود ، علاقة يلخصها "فريد" نفسه في ثلاث كلمات : "رفيق حياتي كلها".. هكذا كان طوال حياة تراجيدية طويلة ما بين ترحال وفقر وكفاح من أجل لقمة العيش ومذلة بعد عز ، وصدمات هزته إنسانياً أشهرها رحيل شقيقته "أسمهان".. كان يهرب من كل ضربة إلى العمل ، وإلى العود..صديقه الصدوق..

هرب موسيقيون كثر إلى العود ، "الشيخ إمام" ، "سيد مكاوي" ، "عمار الشريعي"" ، وآخرون ، قبل أن ينظر له بعدهم ملحنون على أنه آلة ثقيلة الوزن والهضم ، وقبل أن ينحسر دوره في موسيقى اليوم ، كلهم أقاموا صداقة مع آلة هي الأقرب ليس إلى نفسهم فقط بل فيما يبدو إلى النفس البشرية بشكل عام من وجهة نظر لها وجاهتها ، لكن الوحدة التي عاشها "فريد" والتقلبات الكثيرة التي شهدتها حياته العاصفة جعلت علاقته به هي الأقوى ، وجعلته يبقى معه حتى النهاية .. لدرجة صار لا يفارقه في أي حفل أو أي تسجيل وأي فيلم يمثل فيه ويشارك..ويلعب دوراً في ألحانه يبدو أكبر من مجرد دور تلعبه مجرد آلة كغيرها من الآلات الأخرى..

بعد ثمانية وثلاثين عاماً من رحيله في 26 ديسمبر 1974 يبقى لهذا الرجل "عوده" الذي يختلف عن "عود" ملحنين مصريين وعرب كبار .. ليس فقط لأنه "فريد الأطرش" بما أثرى به السينما الغنائية في مصر ، ولكن للعلاقة الفريدة التي جمعت بينه وبين العود.. علاقة جعلت عود "فريد" "فريدا"..

ذو صلة: وبعيداً عن العود ، الدكتور "أسامة عفيفي" يتناول بشكل نقدي موسيقى "فريد الأطرش" ما لها وما عليها بعين متخصص ..
* الصورة من موقع جريدة "25 يناير" الإلكترونية..

3 comments:

Jana said...

جميل كلامك هنا أوى
فريد اتظلم ... مهما الناس افتكرته باحسّه اتظلم

صدقت فى وصفك ..عود فريد فريد

Anonymous said...

محبتش فريد أبدا لا مغني ولا ملحن ولا عازف عود
حسيته مفتعل في كل شيء ، افضل اغانيه بالنسبة لي كان ملحنها مش المغني ( يا واحشني رد عليا ) بتاعة محرم فؤاد ، فريد الاطرش لما حاول يبقى شعبي بقى احلى كتير والاهم انه مش هو اللي بيغني
يا زهرة في خيالي ممتازة بس برضه صوته بوظها وان كانت مش أول محاولة لهمل اغنية فالس عربي فين ناس كتير سبقته

أهم عود في نظري هو عود السنباطي وعبد الوهاب وان مكنش محسوب من العازفين العظام

واليومين دول في شربل روحانا في لبنان وممدوح الجبالي طبعا

اما عن نصير شمة فهو صنايعي فعلا وعزفه مفيش فيه اي احساس على الاطلاق

قلم جاف said...

عن نفسي شايف فريد عازف عود وملحن أكثر تأثيراً.. رغم إنه ما لحنش لناس كتير .. لما "عمار الشريعي" أعاد توزيع موسيقاه بانت فيها حاجات كتير بعضها كان فروق تنفيذ وبعضها بان لإن اللي موزع اللحن عازف عود تقيل وفاهم دراما زي "عمار الشريعي" فبيحول العود لآلة تعبير أكثر منها آلة بتطلع صوت وخلاص..

صعب الواحد يقدر يتكلم عن "صولوهات" عود معروفة لـ"عبد الوهاب" أو "السنباطي" إلا لو بنتكلم على عزف ليهم في بروفات ألحان أو نسخ مبدئية لألحان .. "القصبجي" عازف عود كبير في رأي نقاد كتير ، بس برضه وسط مجموعة ، مش "صوليست"..

عندنا صعب نتكلم عن "صوليستات" لإن الموسيقى العربية بطبعها غنائية أكتر ، بالتالي يصعب تلاقي موسيقى "بحتة" - مزيكا بس مش لحن أغنية أو مصاحبها أغنية - إلا لو كانت موسيقى رقصات - زي اللي كان بيلحنها ساعات "فريد" و "فوزي" لاستعراضات ، أو اللي عملها بعد كدة ملحنين كتير زي "بليغ" ومن بعده "أحمد فؤاد حسن" و "هاني مهنى"- أو مقطوعات بتتعمل من حين للتاني لما بدأت تظهر فكرة "المقطوعات" كمنتج موسيقي مستقل عن الأغنية على إيد ناس من أمثال "فتحي سلامة" - ألبوم "شرقيات" - و "عمرو إسماعيل" - سلسلة "رحيل" ، ارتبطت كل المقطوعات دي باللي ألفها ، مش بصوليست معين، ويمكن الوحيد اللي كان كسر القاعدة دي من فترة شبه طويلة كان "عمر خورشيد".. بس مش عارف إن كان نزل موسيقاه في ألبومات ولا لأ..