Saturday, May 12, 2012

شفتوا "المناظرة؟"؟

على "أون تي في" يقدم "باسم يوسف" برنامجه الذي أسماه "البرنامج؟" -خدوا بالكم من الحركة بتاعة علامة الاستفهام دي -.. فكان طبيعياً أنه عندما تشارك تلك المحطة "دريم" و جريدتي "المصري اليوم" و"الشروق" أن تقدم مناظرة ، تصلح لأن يكون اسمها "المناظرة؟".. حتى لو أطلقوا عليها اسماً آخر!

1-يختلف أنصار المرشحين "عمرو موسى" و "عبد المنعم أبو الفتوح" في درجة غرور منافس كل من مرشحهما ، لكن من كانوا مغرورين بحق هم القائمون على إعداد تلك المناظرة ، ومذيعاها ، والسيد "عمرو خفاجي"..

بدايةً كانت المناظرة ، التي جاءت بكل المقاييس مخيبةً لآمال شريحة كبيرة جداً ممن شاهدوها ، بمن فيهم بعض أنصار المرشحين وأنصار آخرين وأصحاب الصوت الأبيض ، فرصةً لاستعراض القوة لا أكثر من جانب المنظمين الأربعة ، "الشروق" ، "المصري اليوم" ، "أون تي في" و "دريم" (1).. استعراض مفاده أن هذا الكارتل هو الأقوى والمسيطر تماماً على الإعلام في مصر وصناعة القرار فيه ، كرد عاجل وعنيف على "سي بي سي" التي سيطر مالكها "الاستبن" "محمد أمين" لحساب "منصور عامر" على شبكة قنوات "النهار" و "مودرن" إضافةً إلى "سي بي سي" وأصدر يومية قبل أسابيع.. وكل من الكارتلين يسعى لتوصيل رسالة إلى المشاهد مفادها : "نحن الأقوى ، الأكثر سيطرة على دماغ الناس ، الأقدر على تحريك الرأي العام ، ومن سيحدد من الرئيس القادم لمصر طبقاً لما نراه صحيحاً" .. وهي عبارة يمكن اختزالها على ثقل ظل أسلوبها إلى ما قالته "إسعاد يونس" على لسان الكاتب الكبير "وحيد حامد" في "جحا يحكم المدينة" : "مش قلتلك يا جحا ..احنا اللي طلعنا البغل فوق المدنة ، واحنا اللي نعرف ننزله"..

وكأي حدث على تلك الشاكلة ، كان لابد له من تقديم ، في "مصطبة" رباعية ضمت السيد "عمرو خفاجي" ناشر "الشروق" والذي قدم برامج على القناتين "دريم" ثم "أون تي في" ، مع الموهبة الفذة -مش عارف بأمارة إيه - "ريم ماجد" ، والسيد "حافظ المرازي" ، ورابعهم كان "عمرو الشوبكي" أحد الذين عرفوا الطريق إلى النجومية من خلال كتابتهم في "الشروق" المرتبطة بتحالف مع "أون تي في" ، بدليل أن رئيس تحرير المطبوعة الأخرى لـ"دار الشروق" - جريدة "التحرير"- السيد "إبراهيم عيسى" هو الآخر عاد لتقديم البرامج على "أون تي في".. وجاء الحديث المطول الذي استمر لساعة عن أهمية المناظرة ، مع عرض لقطات لمناظرات أجريت هنا وهناك ، عن "أهمية" الحدث و "استثنائيته".. وكله كوم ، و"عمرو خفاجي" بمفرده كوم مستقل..

السيد "خفاجي" بدا منتفشاً كالديك الرومي وهو يتحدث في غرور عن القوة الخطيرة لـ"الإعلام الخاص" الذي "يثبت" أنه "عند النقاط الحاسمة" يكون "على قدر المسئولية" ، ملحاً بشكل غير مباشر وربما غير مباشر على "تاريخية" الحدث هو والسادة الجالسون معه - "ريم ماجد" و "الشوبكي" و "المرازي" - قبل ميعاد المناظرة "المزعوم" في السابعة والنصف من مساء الخميس.. في مصطبة حوارية استمرت حتى الثامنة والنصف ، مع احترامي لكل المصاطب في العالم إلا هذه المصطبة..

2-الإلحاح على "تاريخية" المناظرة و "تاريخية" اليوم و "تاريخية" كل شيء كان له مبرره ، وهو استمرار الإعلانات لما يقرب من الساعة والنصف إن لم يكن أكثر بشكل يعيد إلى الذاكرة مباريات "الأهلي" و "الزمالك" في الثمانينيات أو نهائي كأس أمم أفريقيا 1986 بالقاهرة ، أو حلقات "الجريء والجميلات" في عزها .. صحيح أن موقع "جود نيوز" يقول أن حصيلة تلك الإعلانات طبقاً لمصادر في القناتين كانت ثلاثين مليون جنيه .. لكن الشريط الإعلاني تكرر مرتين وربما ثلاثاً على مدى ..

ولكي ترى حجم "التواضع" الشديد جداً لدى القناتين والصحيفتين ، خصوصاً "الشروق" التي تكرر إعلانها - بجملة- أكثر من مرة (3).. بدأت الفترة من التاسعة والربع وحتى التاسعة والنصف بسلسلة من الإعلانات الدعائية السمجة عن القناتين ، من التواضع بمكان أن نرى منظم الحدث يقوم بدعاية عن نفسه ، وبهذا الشكل ، إعلان طويل عن "أون تي في" وما "تبذله" من "مجهود" من أجل أن تصل المعلومة إلى المشاهد ، ناهيك عن الدور "الثوري" للقناة في segment يشترك فيه كل مذيعي تلك القناة ، أما "يسري" الذي شارك في الـ segment سالف الذكر فكان له بعدها segment خاص به.. بما أنه من "نجوم" تلك القناة ، يعبر فيه عن سعادته وانشكاحه بالعمل في قناة "أون تي في" ، بعدها دعاية لبرنامج "العاشرة مساءً" ، إذ أنه لا يصح أن تكون "دريم" مشاركاً في الحدث وتطلع من المووووووولد - وش صوت "محمد عدوية" في الأغنية التي تحمل نفس الاسم- بلا حمص.. عندكم "يسري" عندنا "منى الشاذلي" ، عندكم "ريم ماجد" عندنا "حافظ المرازي".. ولو كنتم فاكهة احنا اقفاص - مع الاعتذار لـ"سامح حسين"..

3-اتهم البعض صاحب هذه المدونة بالتجني على السيدة "منى الشاذلي" ، أو "البريمادونا" كما اعتاد أن يلقبها هنا في "فرجة" ، من رأى المناظرة سيكتشف أني "ما جبتش حاجة من عندي" ، المذيعة التي أستغرب بشدة نجوميتها بدت في حالة مثيرة للشفقة ، مرتبكة للغاية ، أخذت وقتاً أطول مما "ينبغي" ، الأمر الذي جعل "يسري فودة" يبدو كمطرب في "ليالي التليفزيون" أطالت المطربة السابقة عليه في الحفل وصلتها حتى تم - نمشيها "ركنه"- إلى نهاية الحفل ، فتذرع بأن "منى" خرجت عن الاسكريبت المكتوب ، قائلاً مقولته التاريخية - ما هو يوم تاريخي من أوله - I am not happy with that.. والحمد لله أنها لم تتطور إلى Respect is everything.. والشيء الأهم من "أداء" "منى الشاذلي" و "مظهرها" الذي نال نصيباً من سخرية من تابعوا الحلقة ، والذين لم يرق لهم فيما يبدو "استظرافها" وافتعال حديثها بالفصحى..

المهم ، "فودة" العادي جداً كما أراه ، على العكس ممن رآه آخرون تابعوا المناظرة ، تولى إدارة النصف الثاني ، الذي بدا أكثر سخونة ، مع شعور المرشحين بمرور الوقت بالإجهاد ، لعامل السن ، بما أن الاثنان تجاوزا الستين ، ليبدأ بعدها "الاستوديو التحليلي" المعتاد عقب كل مناظرة أو أي بتاع له علاقة بانتخابات الرئاسة.. و...

4-من المؤكد أننا أمام حدث إعلاني ، وليس إعلامي ، كان من الصعب على "الكارتل" الرباعي أن يخرج من المولد بلا حمص ، في الوقت الذي اخترعت فيه "سي بي سي" من الهواء سبوبة إعلانية ناعمة وطرية وكلها حنية ، ست وعشرون حلقة مع مرشحي الرئاسة في فترة مشاهدة جيدة ووسط غياب أو تراخي أو إجهاد أو أشياء أخرى ألمت بباقي برامج التوك شو ، بعيداً عن صراخ "أديب" الصغير وملل "شردي" وإشهار "ريم ماجد" إفلاسها ، صحيح أن المناظرة المذكورة أجلت مرة أو اثنتين ، لكن أصحابها بالتأكيد كانوا على علم بنوايا "كارتل" "سي بي سي- الوطن - النهار - اليوم السابع" - رباعي برضه - بعمل مهرجانات إعلانية للرئاسة في ربوع إمبراطورية "منصور عامر" التليفزيونية ، سواء "مصر تنتخب" أو "الفرح البلدي" الذي يوازيه على "النهار"..

لم تكن لهذا الحدث قيمة معرفية للمشاهد سوى أنه - وأعني في الأعم المشاهد "المحايد" بالنسبة للرجلين - قد تلقى صدمة كبيرة في الرجلين معاً وفي القناتين والمناظرة ومن يديرهما ، شاهد مذيعين يتم تعريفهما على أنهما نجوم ، في مستواهما "الحقيقي" وحجمهما "الطبيعي"، اتفقا وفريقهما على تجاهل أمور كثيرة تمس حياته ، على عكس ما زعمه "خفاجي" أن ما يرد في المناظرات هو الاهتمامات الأكثر أهمية لدى الناس ، ركز على الأدنى للأجور مثلاً وتجاهل حقوق العمال والموظفين في القطاع الخاص ، تجاهل الوقوف ضد فساد الاستثمارات التي تسببت في كوارث على مختلف الأصعدة ، لم يعطِ التعليم أهميته ، تجاهل الفلاحين تقريباً ..

صدمة "المشاهد المحايد" لم تقف فقط عند فقر الإدارة والإخراج في المناظرة ، بل وصلت إلى المرشحين نفسيهما ، ما لمسته حتى على "الفيس بوك" أن أسعد الناس بالمناظرة ككل كانوا أنصار "حمدين صباحي" ، خرج أنصار "عمرو موسى" و أنصار "أبو الفتوح" من المناظرة وكل منهما يدعي أنه انتصر ، في حين أن كل منهما خسر الكثير من رصيده على أرض الواقع .. ولا أستبعد أن تكون نسبة من الشريحة "المحايدة" أو "البيضاء" أو "المترددة" التي تحسم الانتخابات في جميع أنحاء العالم قد أسقطت الرجلين من حساباتهما رغم أنها لم تحدد مرشحها بعد..

لكن أعود لأستلهم "محمود عبد العزيز" في فيلم "الكيف" قائلاً عبارته التاريخية "ما هو دة الواقع".. كان لدينا معارضة تلطم الخدود وتشق الجيوب وتلعن سلسفيل النظام السابق الذي كان يتسلى بمنظرها وصراخها وعويلها دون أن تفعل أي شيء ، ودون أن تتعامل مع السلطة والوصول إليها بجدية وكأن ذلك عيباً أو حراماً ، تذكرت "أحمد أمين" صاحب "فجر الإسلام" وهو يتحدث عن أهمية الهدف في حياة الإنسان عندما قال ما معناه أن الذي يضع هدفاً له أن يسبح مائة كيلو متر لن يتعب عندما يصل للكيلو الستين ، بينما من يضع أربعين كيلومتراً فقط كهدف له لن يكمل العاشر ، وكانت النتيجة أنه عندما سقط النظام أصيبت بحالة من الننح أفقدتها ما تبقى من عقلها واتزانها ، وهكذا حصلنا في نهاية المطاف على أحزاب ورقية فاشلة لم تقدم من يصلح لأن يكون نائباً في مجلس الشعب ، وعلى مرشحين ، مع احترامي للمتعصبين لهما ، بائسين في التعامل مع الإعلام ، عاجزين عن مخاطبة الناس بخطاب يحترم العقل ، يهادن منهما من يهادن لاعبي السياسة الآخرين ، العاجزين بدورهم عن تقديم مرشح "عليه الطلب" لرئاسة بلد بحجم مصر .. ثم يبحثون عن شماعة يعلقون عليها خيبتهم متوازية الأضلاع التي لم تؤت لأحد.. ولدينا إعلام لم ولن يكون في يوم من الأيام مستقلاً طالما يدار بهكذا طريقة ، ونجوم إعلام اتضحوا أنهم ليسوا نجوماً وليسوا إعلاميين ، كذبوا على أنفسهم الكذبة فصدقوها وصدقناها إلى أن زال بالتدريج أثر الغش الذي "طرطش على الوش بوية"- مع الاعتذار لـ"سيد حجاب".. واكتشفنا أننا أمام مجموعة من الفهلوية أخصائيي تفتيح المخ الذين وجدوا الموضوع سهلاً والسبوبة حاضرة فعدوا أنفسهم أصحاب قضايا وقادة فكر ، وفضلاً عن هؤلاء رأينا صحفاً تغسل فكسها وكساحها بالفضائيات على طريقة شيلني وأشيلك.. كل هؤلاء يصنعون لنا إعلاماً يدعي الاستقلال والحيدة والحرص على الصالح العام والوطن بينما هو مربوط بخيوط وسلاسل بمصالح الملاك وانتماءاتهم ، وصفقاتهم مع تجار الإعلانات هنا وهناك ، يقدم نفسه كشبابيك مفتوحة لشمس الحرية وهوائها الطلق ، في الوقت الذي يظهر فيه - في الحقيقة - كشبابيك مفتوحة في شارع ضيق يتبادل أصحابها فيها "الردح" بأقذع الألفاظ .. خاصةً أن بعض الواقفين فيها ، من صحفيين وإعلاميين ، يبدون كمن خرج للتو من علاقة عاطفية فاشلة يسبون ويلعنون فيها الحبيب السابق ما استطاعوا سبيلاً إلى ذلك..

ما خرجت به من المناظرة جملة واحدة أقولها ، والرزق على الرزاق سبحانه وتعالى : مصر تستحق إعلاماً ومرشحي رئاسة أفضل.. أعرف أن ما كتبته هنا سيثير غضباً واستشياطاً عارمين ، لكن هذا ما أراه صحيحاً ، وكل واحد - مع احترامي- حر في رنته..

ذو صلة: ملخص للمناظرة من "الأزمة"..
(1)بالمناسبة ، ولكن صرحاء أكثر ، هذا التعاون الذي جاء على "سهوة" بين "المصري اليوم" و"الشروق" ما كان ليأتي لو كان "مجدي الجلاد" لا يزال على قمة الهرم التحريري لـ"المصري اليوم" ، فالحساسيات بين الجريدتين معلومة لساكني الوسط الصحفي ولغير ساكنيه من أمثالي كشخص عادي ، وكان لتلك الحساسيات علاقة بـ"الجلاد" ، بل لا أزعم أن بقاء "حافظ المرازي" في "دريم" وتراجعه عن الرحيل عنها كان له علاقة برحيل "الجلاد" الذي اكتشفنا أنه كان معروفاً منذ يناير الماضي .. أي وقت حدوث أزمته مع "دريم"..
(2).. أمر يعيد إلى الواجهة الشراكات ، التي أرى أنها مشبوهة ، بين الإعلام الورقي والفضائي ، خصوصاً عندما تكون الملكية واحدة .. وتغلغل نفوذ الإعلام الخاص الذي تسعى بعض مؤسساته لأن يكون لها في كل "مكان ما" عفريت ، كـ"الشروق" التي لها صحيفة ، ولها شراكة مع فضائية "أون" ، وتعتزم ، هكذا يقال ، أن تكون لها فضائيتها الخاصة ، وتملك شركة للإنتاج الفني (ستنتج "فيرتيجو" كما أنتجت "عايزة أتجوز" من قبل وربما تنتج "شيكاغو") ، ولم يعد إلا أن تفكر في إنشاء سلسلة سوبرماركت..
* الصورة من "في الدنيا"..

2 comments:

no way said...

المناظرة مملة لم أتحمل أكثر من نصف ساعة و كنت بسابع نومة ، و المذيعيين مملين مش متعلمين طريقة طرح الأسئلة، كل واحد كل ليلة نصف ساعة أو أكثر بيعطي الشعب دروس في انترو طويل و ممل زي مدرسين دكاترة الجامعة كأنه ناقصنا
حتى الديكور ممل جداً، يعني القناتين و الجرايد مش مستعدة تصرف على ديكور المناظرة؟؟
لو شفت مناظرة فرنسا بتعرف منتهى ملل و تخلف المناظرة المصرية

قلم جاف said...

احنا يا عزيزي أخصائيي "ضرب" مش تقليد ، زي التايوانيين نعمل الحاجة شكلها حلو من برة وتبان صورة طبق الأصل لكن تكتشف بعدها إنها مجرد لعبة ولا تمت للأصل بشيء ، كإنك بتشتري موبايل لعبة شكله الخالق الناطق الموبايل الحقيقي..

في كل يوم بأكتشف إن اللي بيقولوا عليهم نجوم إعلام ما عندهمش من مواصفات النجومية أي شيء ، هالة بتتعمل على أشخاص تستغرب لما تشوفهم همة بيشتغلوا إزاي في الشغلانة دي..

المناظرات والبرامج الرئاسية اللي بنعملها تقليد تايواني فعلاً للمناظرات الفرنسية والإنجليزية ، تجنبت تماماً تناول قضايا ليها علاقة بالفساد ، وباهتمامات تانية للناس لا تقل خطورة عن الحد الأدنى والأقصى للأجور..

لكنها السبوبة ، والغرور المرضي لرجال أعمال وإعلاميين فاكرين نفسهم يقدروا في أي لحظة يحددوا اختيارات الناس واهتماماتهم ويسوقوهم فيها زي ما الرعيان بيسوقوا المواشي بتوعهم..