Wednesday, August 08, 2012

ملفات العكش السرية!

قبل سنوات عرض التليفزيون المصري مسلسلاً للكاتب الصحفي "طارق بركات" اسمه "ملفات سرية" ، وفكرة المسلسل بسيطة ، قائمة على طبيبة نفسية لعبت دورها "ميرفت أمين" تتعرض عيادتها للسرقة من قبل شخص يقوم بابتزازها وابتزاز مرضاها بالتسجيلات التي احتفظت بها لهم على هامش جلسات علاجهم.. صحيح أن "بركات" يحاول تقديم نفسه ككاتب مجتهد لدراما الجريمة والتشويق والغموض ، أو الدراما البوليسية كما نعرفها ، لكن الواقع يهزم دائماً خيال أي كاتب سيناريو ، مهما كان ذلك الخيال جامحاً وبلا فرامل..

كشف موقع "في الفن" قبل ساعات عن فضيحة مسلية ولذيذة ، أبطالها كل من "علي الفيل" -صاحب شركة إعلان ومنتج برنامج "الحكم بعد المزاولة" على "النهار" ، و"توفيق عكاشة" ، و"باسم يوسف"..

والموضوع باختصار أن البرنامج سجل حلقة لـ"عكاشة" ورفض الأخير إذاعتها ، واحترمت الشركة قراره طبقاً للبيان "المكتوب" الذي أصدرته ، ولما كان "عكاشة" "قد" تناول الشركة بما عدته "شائعات" فقد هددته الشركة بإذاعة حلقته ، وحددت له موعد الحادي عشر من أغسطس ، أي السبت القادم ، كموعد نهائي ، إن لم ينته ، فالحلقة موجودة..

الحلقة "السرية" طبقاً لتقرير "في الفن" علم بها شخصان ، الأول رآها ، وطالب بإذاعتها ، وهو طفل مودرن المدلل "معتز مطر" ، والثاني ذهب إلى ما هو أبعد وطلب شراءها ، وهو "باسم يوسف"..

الفرق بسيط بين المسلسل والفضيحة ، ملفات "ميرفت أمين" كانت سرية فعلاً ، ولم يكن في مصلحتها بأي حال كشفها ، الذي يدينها أكثر مما يدين مرضاها ، وبينهم طبقاً لأحداث المسلسل شخصيات متباينة الحيثية ولديهم جميعاً ما يخشونه ، ملفات "آي كلاود" ليست كذلك .. واللذيذ أن لسان حال الشركة يقول : أنا عملت بأصلي معاك يا "TOFFA" وما رضيتش أبيعك لاصحابك بقلوس ، بما إني ما باحبش الابتزاز والتهديد ، أستغفر الله العظيم ، بس لو قليت معايا يا حلو أنا حأبيعك وبالمجان..

أضف إلى ذلك أن المسلسل كان به مبتز واحد فقط ، أما الواقع ففيه اثنان على الأقل ، الشركة و "باسم" .. "باسم" ليس مبتزاً بالمعنى المفهوم للكلمة لأنه لن -بفرض حسن النية- يحصل على مقابل من "توفيق عكاشة" ، مادياً كان أو معنوياً ، لكنه أراد شيئاً "ما" يمسكه عليه ويضمه إلى برنامجه أو إلى مكتبة قناته لو حدث شيء ما من "العُكش" - كما يسميه منتقدوه - ضده ، أو ضد صاحب القناة.. و"عكاشة" يشبه "الواد سليم أبو لسان زالف" -مع الاعتذار للكاتب الكبير "أحمد رجب"- يهاجم الجميع في برنامجه ويخبط الحلل على فترات.. وقد طاح في وقت سابق في أسماء كبيرة في عالم الميديا من بينهم على سبيل المثال "إبراهيم المعلم" صاحب دولة - وليس دار - "الشروق" للصحافة والإنتاج الفني وكل شيء إن كان..

وقد ينضم للمبتزين السابقين مبتز ثالث هو "عكاشة" نفسه ، إذا أخذنا بعين الاعتبار تفاسير الخبثاء عن أن "العكش" يلعب نفس اللعبة مع الشركة!

يطالب البعض ، من منطلق "حق يراد به باطل" ، بمجلس أعلى للإعلام يتم تفصيله على مقاس رءوس أموال معينة اغتصبت الثورة واحتكرت الميديا ، لن ينظر باشمئزاز إلى فيلم هابط مبتذل كالذي حدث ، لأنه سيحسبها بحسابات المكاسب والخسائر ، وبحسابات مَن ضد مَن.. لا يطالب ذلك البعض بحرية مسئولة ملتزمة كما يزعم ويدغدغ به مشاعر الثوريين ، بل يطالب بحريته هو ومن بعدها فليأت الطوفان في أي وقت شاء.. لينتقل الإعلام إلى وصاية ذلك البعض ، ساسة أو بيزنسجية أو- وللأسف- ممن يحسبون أنفسهم على الثورة والثورة ومبادئها منهم براء ، و"إديها كمان حرية" كما كان يقولها "عبد السلام أمين" مادحاً المخليوع.. ويتعاطف بعضنا - بكل كل أسف - مع ذلك البعض من منطلق خصومة سياسية مع تيار ما ، وليس من منطلق خصومة مع الفساد نفسه ، وإلا لطالبنا جميعاً وبصوت عال بمجلس أعلى مستقل بحق وحقيق للإعلام ، لا يكون من بين أعضائه أي شخص له أي علاقة بصاحب أي قناة أو جريدة حالاً ولا استقبالاً ، يطبق القانون دون خوف من امبراطورية "آل أديب" ودولة "بهجت" وعزبة "منصور عامر" بالع الإعلام على طريقة إعلان "أبويا ، أبويا الله يخرب بيتك ....الخ".. أخشى أن نتحول إلى نسخة من أبطال الفيلم الهابط يقبلون بالفساد طالما يلائم فانلاتهم السياسية ، وأن "تنحس جتتنا" ويتبلد شعورنا في انتظار المسلسل الجديد الذي سيجد من يحوله ، سواء من المشتغلين بالميديا أو من غيرهم ، إلى مسلسل واقعي..
* الصورة من "الموجز"..

No comments: